اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 390
واحد وَغَيْرُ صِنْوانٍ اى متفرقات الأصول مع ان الكل يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ وَمع وحدة طبيعة الأرض والماء نُفَضِّلُ حسب حكمتنا المتقنة بَعْضَها اى بعض الثمرات عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إذ بعضها ضار لبعض وبعضها نافع وكذا بعضها حلو وبعضها حامض الى غير ذلك من التفاوت والاختلافات الواقعة في الفواكه والثمرات وبالجملة إِنَّ فِي ذلِكَ الاختلافات مع وحدة طبيعة القابل لَآياتٍ عظاما ودلائل جساما دالة على حكمة الفاعل العليم الحكيم ومتانة فعله وصنعته لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ يستعملون عقولهم في التفكر بمصنوعات الحق والتدبر بمبدعاته ومخترعاته
وَإِنْ تَعْجَبْ أنت يا أكمل الرسل انكار الكفار حشر الأجساد مع وضوح دلائله وسطوح براهينه فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ اى فعليك ان تتعجب من قولهم هذا إذ قولهم هذا محل العجب مع شهودهم بالشواهد والآثار التي ذكرت آنفا يقولون هكذا حال كونهم مستفهمين مستبعدين على سبيل التعجب أَإِذا كُنَّا تُراباً وعظاما ورفاتا أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ كلا وحاشا ان نعود ونصير إنسانا بعد ما قد صرنا كذلك وبالجملة أُولئِكَ البعداء المعزولون من منهج الرشد هم الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ الذي أوجدهم وأظهرهم من كتم العدم بلا سبق مادة ومدة ورباهم بأنواع التربية مع ان اعادتهم أيسر من ابدائهم وابداعهم وَبالجملة أُولئِكَ الضالون المقيدون بسلاسل الطبيعة في النشأة الاولى قد صارت الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ في النشأة الاخرى دائما مستمرا وَبالجملة أُولئِكَ الأشقياء المردودون أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ ابد الآباد
وَمن قبح صنيعهم ونهاية غفلتهم عن الله 4 وشدة غيرة الحق وانتقامه إياهم يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ المهدد بها والموعد عليها اى يطلبون منك يا أكمل الرسل استعجال إتيانها استهزاء وتهكما قَبْلَ الْحَسَنَةِ الموعودة لهم على تقدير ايمانهم وَالحال انه قَدْ خَلَتْ ومضت مِنْ قَبْلِهِمُ على أمثالهم من الأمم الهالكة الْمَثُلاتُ اى انواع القصاصات والعقوبات التي قد صارت أمثالا متداولة بين الناس يضرب بها وحال أولئك الغواة الطغاة الهالكين السالفين يكفى لهم ويكف مؤنة استعجالهم واستهزائهم لو تأملوا وتدبروا وَبالجملة هم من غاية إصرارهم وكفرهم وان استحقوا على ما يستعجلون بل على اضعافها وآلافها على أقبح الوجوه لكن قد امهلهم الله العليم الحكيم زمانا حسب حلمه وحكمته إِنَّ رَبَّكَ الحليم الحكيم العليم لَذُو مَغْفِرَةٍ ستر وعفو لِلنَّاسِ المنهمكين في بحر الغفلة والنسيان عَلى ظُلْمِهِمْ اى مع ظلمهم على أنفسهم باستجلاب عذاب الله إياها وَإِنَّ رَبَّكَ ايضا على مقتضى عدله وقهره لَشَدِيدُ الْعِقابِ سريع الحساب على من خرج عن ربقة أطاعته استكبارا واستنكافا
وَمن شدة شكيمتهم وغيظهم معك يا أكمل الرسل يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا بك وبدينك وكتابك لَوْلا وهلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ قد اقترحناه بها مِنْ رَبِّهِ ان كان نبيا مثل سائر الأنبياء الماضين لا تبال يا أكمل الرسل بهم وبكفرهم وقولهم هذا إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ مخبر بما جئت به من عند ربك لا هاد مصلح ما عليك الا البلاغ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ هو الله سبحانه ان تعلق ارادته بهدايتهم يهديهم إذ هو عالم بسرائرهم وضمائرهم وبعموم ما جرى عليهم وما يئول اليه أمرهم
إذ اللَّهُ يَعْلَمُ بعلمه الحضوري ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى من النطفة المصبوبة المدفوقة وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وتنقصها منها دفعا لفضلاتها وَما تَزْدادُ عليها لتنميتها وتصويرها وَبالجملة كُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ اى حصول كل كائن مقدور ومقدر عنده انما هو بمقدار مخصوص من مادة
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 390